الى جفاف الرافدين الوشيك


 
د.ماجدة غضبان المشلب
 
  
السليل
هذا الماءُ الذي أسرجَ لي
يقظةَ َالفجر..،
الماء ُالذي قرَأُتـْهُ
سحابة ٌعلى جبيني..،
الماء ُالذي غـَزُرَ
وطافَ بي
رفعَني..
إلى قمةِ جبلٍ ضرير
أدخلـَني كهفا ًمهجوراً
وَهبَني ظـُلـْمة ً
هالـَها بريق الماء
وبريق عيني َّالمتسائلتين
هذا الماءُ الذي تغزَّل بي
حتى أغرَقـَني..!
كان بقعة ُعمر ٍ
مخصيّة
لا سليلَ لها..!

السر
ليسَ للماء ِذاكرة..!
ليسَ للغرقى ماض...!
أذابَ مع الحقائبِ
في القاع ِالمجهول..؟!
أجعلتـْه ُالأ سماك ُ
وجبتـَها المفضَّلة َلِقرون؟!
غَيْرَأنَّهُ يتَّصِلُ
ويتهامس ُ
وينفذ ُمِنْ فتحة ٍما
من بُؤ بُؤ ٍ ما..
ليشكلَ خريطة َضوء..
على الجدارِ الحجريّ
فأرى ذاكرة َالاشياء
والراحلين
تسطع ُكالشـَّمس
تفضحُ  سرِّي
في عَتـَمَة ِكهفٍ
مهجور..!

قلب زجاجي
الماء ُ
رسائلٌ
أُدَوِّنـُها
لمّا يثورُ القلم
ويستعصي
عليَّ العثورَ على ورقةٍ
طيـِّعة
الماءُ قصائدُ
وألم ٌيأخذ ُشكلا ًكروياً
شكلا ًقابلا ًلِلمُداعبةِ
والمُلاعبةِ
قادرا ًعلى الإنتفاضةِ
من جديد..
بين جلدي
وبقايا ساعات ٍمُرعِبه..!

لا تنس َأن تحفظ َ
وصايا الماء
في قلب ٍزجاجي ٍّعائم
مضاد ٍللتكسُّر..!

الماء
ماءٌ
ماءٌ
ماء..!
جنين ٌيتكوَّرُ فيه
أرضٌ تتلقاهُ
غيوم ٌتنتشي
بدغدَغتـِهِ
عيونٌ تـُضيفُ اليه
الملح..!
ليكون َدموعاً
سطوراً جليَّة ً
في فراغٍ
لمْ يرُقْ لهُ الإنسانَ بَعْد..!

حذار
أسمعتَ صرخة َالماء؟
ولولتــــــــــــــــــــَــه؟
عويـلـــــــــــــــــــــه؟
أصادفــَـك َالهَذ َيـــان؟
أشعرتَ بالهَيَجــــــان؟
حذار
من غضبِ النـَزْر ِالضئيل
من عصيانِهِ
أوانَ الصهيــــــــــــــــــــل
أوانَ تسْتشري الأعاصيـــر..!

قطرات حمراء
آخرُ ما كانَ
على منحدر ِالكأْسِ
قطرة
من خلالِها
رأيتُ المرأة َ
تتعرّى
تمسكُ بالسكين
تشقُّ صدرَها
تنتزع ُقلبَها
وتضعُهُ على المائدة!

عندَ باب ِالمقهى
مسح َالرجلُ بمِنديل ٍمُتسخٍ
قطراتِ
حمراءَ
كبيرة!
ومضى ...
تتبعُهُ الأيامُ
شاحبة
بينَ يديها..
منفضة ُسجائر..
مزدحمة
وطاولة ٌعرجاء..
تصطفُّ عليها
كوؤسٌ ظـِماء...!

ظَعون
الماءُ..
كنزُ الصحراء..،
طمأنينة ُالجمل..،
وعظمة ُالصبر..!
قطرات ٌمن عرق ِكفٍّ
لازَمَتْ كفـِّي طويلاً
أتكونُ لي الرفيق؟
سَحابة ٌتدلـِّلـُني
في السرير؟
بقايا من ريق ِحبيبٍ
سكنَ زوبعة َالماضي؟
دجلة َالمُفعَمَةَ
بالتاريخ ِوالجُثث؟
كنْ ليَ الفرات!
أليسَ هذا كنه َالوطن؟
صوتَ مولودٍ
وهديرَ ظـَعون ٍمُسِّن؟

ضآلة
لستُ بعدُ
سوى قطرة..!!
يزدريها الصباحُ..،
يؤَنِبُها القيظ ،
يودِّعُها الغروبُ..،
كأنَّه لن يؤوب..
أوكأنـَّها لن تكون...!
الَّليلُ عصيٌّ على الفَهْم
والفجرُ عَجول..
لم يدَعْني ألمسُ هُدْبَ
زهرة ٍبعد..!
أينَ السَّحاب ُإذن؟
أينَ هيَ الأنهار؟
أين ما يدعونَها البحار؟
أأنا على شَفَة ٍجفـَّتْ..
شاحبة
باردة
لن تزورَها القـُبـَل..،
لن تغزوَها الكلمات؟؟
أأنا قطرة ُزمن ٍفات..؟
أأنا قطرة
أم اطلالُ قطرات؟؟

صمم
على المنديلِ
قطرة ٌجَفـَّتْ
على جبين ِالحُمَّى
تتفصَّد قطرات..!!
من سقف ِالغرفةِ
نادتـْني القطرات!
ناشدتـْني الصحبة،
أن أخيط َلها غيمة..،
أن تهطل َعلى زهرة ِالنافذة..،
أن تغسلَ حُزني..،
أن أصيرَ دورتـَها
بينَ عُشب ٍوسحاب!
ليتـَني أصغيت..
ليتَ زمنَ القطرات ِ
يتعثرُ بتجاعيد ِوجهي...
ليتَ الشيبَ
يُغادرُ مِفرقي
لأصغي ـ أبداً ـ

لنداء ِالقطرات....!!



majidah64@gmail.com

Unknown

About Unknown

كاتبة عراقية ملحدة الحمد للعقل على نعمة الالحاد. تولد عام 1964. حاصلة على البكلوريوس في الطب و الجراحة البيطرية. صدرت لي عدة مجاميع شعرية. تنوع نتاجي الأدبي بين الشعر و القصة القصيرة و النص المفتوح و المقالة. لازال هناك المزيد من المخطوطات الشعرية والقصصية تتكدس بين برزخ الحلم و حقيقة التجسد...... لدي مشاريع روائية تنتظر لحظة قطافها.،

Subscribe to this Blog via Email :