د.ماجدة غضبان المشلب |
ملمس الضباب كملمس جدار قاس....
قمته العالية تعوي بين صدغي.. و يقيم سرداقه مهترئا بين
جفني.. حاشرا سكاكينه الحادة في وسادة دمع طافية تتسربل بحزنها حتى امتداد المدى المبتور
الفضاء..
ظل النور يحتشد في بؤبؤين جزعين يصحوان على جلبة فقأ
عيني اليمنى..
مستنقع مستوحش يغلي في المحجر المستلب لعطايا البصر..
يستحيل شيئا فشيئا لبركان يحصد حممه من قطيع أشلاء مجهولة الهوية..
بضع بحيرات في مستقر ما.. تفتقر لأرتعاش مويجات ماء.. قصور
رمل تتهاوى تحت ضجيج الموج الدامي ، و قدماي تشتهيانه أرضا تردي ارتعادهما القادم
من حيث زُرع الطريق..
بصمات بنقوش مميزة تستقر على راحتيّ كفيّ و انا احاول
التشبث بالجدار المهول الزلق..
وقع اقدام حافية يضطرب في أزقة تأريخ خاو من قرطاسه و
مداده.....
حفيف رأس يتدحرج مغادرا جسده.. ساقان ترفسان تحطمان بعض
الواح زجاج تهوي نحو قعر ادرد مضطرب الحواس..
خطوات دون سبيل.. و البصمات تنمو على كفي كأنصال حشائش
غابة.. انفاس تعلو.. و أخرى تعدو.. محاجر مظلمة تتساقط كثمر التوت..
أشباه ظلي تتزاحم.. و صوتي يتلون بألوان اصداء تتردد بين
أذن صماء و أخرى مغلقة بتراب قبر..
حكايات قد ابتدأت كحصى ينمو متعجلا في دروب المهرولين
نحو مهجع الشمس.. و أخرى تتلوى بين رحى الزمن.. و كثير غيرها ربما سيولد هذا
الصباح من صرخة تتعثر في حنجرتي..
قطرات تسرق تنهيدة السماء.. و غمام يتفوه بلغة لا يفقهها
المطر..
لغط لا ينتظ
م في صفوف الكلام.. صراخ يتمرد على طاعة
المسامع و لذة الإصغاء..
الضريح المنتصب في رحاب العبق يتشذب من ركام رحلة كانت..
و ثانية ستكون بعد لحظات..
كل شيء يتأهب للرحيل.. جذوع النخيل المتوجة بقبب ذهبية و
المنارات التي تعوي بصوت قتيل.. زبد الماء الناضح بذكرى ضفاف فرات.. ظمأ الأرض
لوطن ضرير.. أصم.. أبكم.. أوراقي التي استقامت بين شبح هور و حنين ناي وحيد..
خطوات ضريح تحفرها الريح على اقدام عارية.. و جموع عديمة
اللون و الرائحة تعقبها في سباق مع غبار الكون..
تستدق النهايات حتى تضيق بها مسالك السماء.. ينتشي
الضياع بين الأيدي المتضرعة و يستطيل كغابة يجهضها أفق شامخ..
القوافل لا تتبع بضعة سطور متبقية.. و الضياع لا يستهل
زحف المدن..
شيء ما بين محجري السالف.. و قصور الرمل.. و الأيادي
الفارغة يخدش حياء الزمن.. لينسل الضريح وحيدا من بين خرائط العار..
majidah64@gmail.com