ملك اليمين ذكورا واناثا هم الأرقاء ممن تعود ملكية رقابهم الى من امتلكهم. وتسمى اناثهم بالإماء وذكورهم بالعبيد. والاسترقاق معروف في جميع الأمم وقد سبقت احكامه جاهلية الصحراء قبل الاسلام، وحُرّم منها بعد نزول القرآن استرقاق المرء بسبب دين يعجز عن سداده، واسترقاق المسلم لأخيه المسلم ما لم يكن وليد (أمَه)، اي جارية ولدت من غير سيدها، إذ لا ينسب ابن الآخر للمالك بل يرث عبودية امه.
اهم مصادر الرق هي الحروب، وفي الاسلام يسترق من الكفار اسراهم فيصبح الرجال عبيدا والسبايا من الإناث جوار وإماء، وما تلده المملوكة من ذكر او انثى دون وطء مالكها تسري عليه احكام العبودية. والمصدر الثاني هو الشراء وانتقال الاملاك من بائع الى مشتر، وكذلك الهبة والهدية من سيد لآخر.
عادة يكون مصير الأسرى رهن اشارة امام المسلمين حسب ما يراه من الفائدة في ذلك بين القتل أو الفداء أو العفو عنهم أو استرقاقهم وجعلهم عبيداً. وأما النساء فإنهن يصرنَ إماء وملك يمين، والأطفال الذكور يصيرون عبيداً.
لازالت لدينا عادات في جنوب العراق تهدى على اساسها المرأة دون ان تنال من مهرها شيئا لمن يعود نسبه الى آل البيت او الى الشيوخ وائمة المراجع الدينية ومن درسوا علوم الدين واجتهدوا فيها.
في آيات القرآن الكريم يذكر العبيد والإماء في مواضع احكام الكفارة عن ذنب كالتالي:
"ومَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً "
ان تحرير الرقبة هنا يشترط الايمان بالدين الاسلامي من قبل العبد او الأمَه. من جانب اخر لا يحرر اعتناق الاسلام الرقيق من عبوديتهم، الا ان رغب السيد في عتق ما ملكت يمينه وهو غير ملزم به انما للاستزادة من ثوابه، بالمقابل هو لا يعاقب لإقتنائه الإماء والعبيد، اين ملك اليمين والعبودية جائزة شرعا وغير محرمة في القرآن، كما ورد ايضا في التوراة والإنجيل من الطاعة مما يلزم بها العبد تجاه سيده.
و قد حثت السنة النبوية على عتق الرقاب كما في الحديث النبوي الشريف:
: « أيما رجل أعتق امرءا مسلما استنفذ الله بكل عضو منه عضوا من النار »
يبدو في الحديث هنا النقيض إذ تصبح عبودية الفرد الواحد مساوية لوجود عضو من اعضائه في النار؟؟؟.
ماذا عما ملكت يمين النبي (ص)؟؟؟؟
و يرد تحرير الرقبة ايضا في الآية التالية:
"لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"
اما عن الجماع مع الإماء فقد ورد صريحا:
"إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ"
يحق للمسلم وطء الأمه دون ان تنال حقوق الحرة فهي مملوكة اساسا ولا يدفع مهرها او اجرها، وكلمة وطء بالمعجم وهي احد مرادفات الممارسة الجنسية تعني الدوس بالقدم على الشيء وفيه الكثير من الاحتقار والامتهان للانسانية، ووطء الارض هو اغتصابها من اصحابها.
الأمه ليست شريكة حياة بل سُريّة وتجمع الكلمة على (سراري) اي مصدر سرور الرجل، وعند الوطء لا يكلف الرجل نفسه عناء عقد او شهود او مهر، وحُقَّ له ان يسر بما منح من سلطان على من خلقت منه:
"ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون (20) ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" .
في هذا الموضع بالذات يتوقف الضمير الانساني ليتساءل ممن خلقت الأمَه او المرأة التي سُبيت في حرب شنها الرجال على بعضهم البعض لا ناقة لها فيها ولا جمل واستبيحت من قبل مالكها الجديد وغادرت اهلها بالقوة والغصب وافترقت عمن تحب من ولد او زوج او اخ او ام؟
ان كانت من تراب فقد وجب منحها ما لغيرها من حق وجميعهم من تراب، وان كانت من نفس الرجل وهنا المخاطبة للذكور في الآية التالية "ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة" فقد كان لها من الحقوق والواجبات ما للرجل، والمودة والرحمة هي المرجع الاساسي في العلاقة، وليس في الاسترقاق من مودة او رحمة، بل هو جور من ملك قرار مصير غيره على من لا حول ولا قوة له الا بالله، وهو من انزل كتابه، ولم يجعل فيه فيصلا ناهيا عن العبودية الا بمقدار ايمان الانسان، وما نفسه الا امارة بالسوء، اي ان امر الرقيق اصبح بيد من لم يصلح امره بعد ان انزل الله جميع كتبه ورسله فما زادهم ذلك الا امعانا في الضلال من بعد العلم.
"وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ"
يتضح من هذه الآية ان نكاح الأمة المشركة جائز لكن المؤمنة خير منها وفي الحالتين هي أمه لا تساوي الحرة ولا الزوجة في ما منحت من حقوق.
معروف في الحروب ان السبية التي يقع زوجها معها في الأسر تظل زوجة له الا ان افترقت عنه ببيع زوجها لمالك اخر فيحق لمالكها ان يطأها كملك يمينه لا كزوجة، ولم يرد مصير الاطفال هنا سوى انهم سيصبحون عبيدا وإماء كما اهلهم، كما ان امر العائلة بمجموعها غير محسوم لصالحها ككيان عليه ان يظل متماسكا تحت راية دين اسمه السلام والأمن، ايضا ليس هناك ما هو مذكور حول عدة الأمه بعد فراقها لزوجها لتبين ان هي حملت من زوجها ام من سيدها؟؟؟.
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ {النساء:25
هذه الآية تبيح لفقراء المسلمين الزواج من الإماء ان صعب عليهم ايتاء مهر الحرة، بمعنى اخر ان اجر الأمه هو ادنى من اجر الحرة (مع التحفظ على كلمة الأجر التي تعني البغاء لا غيره)، ومن جانب اخر فان الزوجة الأمه لا تكون الا لزوجها كالحرة تماما،فهي تساويها في عدم معاشرة غيره، غير انها لا تعاقب كالحرائر ان اتت الفاحشة فعليها نصف عقوبة الحرة من الجلد؟؟؟؟؟؟.
وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النور: الآية33
ان عدم اكراه الفتيات من الإماء على البغاء منوط برغبتهن في التحصن والعفاف وان اكرهن على ذلك فن الله سيغفر لهن ممارسة البغاء تحت اجبار المالك؟؟؟؟.
اما في ما يخص احكام الحجاب فهن غير مشمولات به فقد فرض الحجاب لغرض تمييز الحرة من ألأمه ان خرجت للخلاء لقضاء حاجتها، فان وضعت جلبابا كانت من الحرائر وان بانت ترائبها ولم تستتر فهي أمَه يثبون عليها كما يثب ذكر البهائم على انثاه.
يتضح من بعض ما ذكر من آيات اعلاه ان المرأة بعد سبيها في حرب بين الكفار والمسلمين تفقد حريتها تماما، وعليها ان تنسى ما مضى لها من حياة وما وضعت من ولد وما احبت من زوج او اهل وتصبح اداة متعة وعاملة بلا اجر، وتعامل كجنس ثالث محكوم باحكام اخرى لا عدالة فيها ولا تشوبها رائحة الإنسانية.
كما انها الأدنى في الحقوق الاسلامية التي منحت للمرأة الحرة، وللرجال حق التمتع بها متى شاؤوا،و ما خروجها ليلا لقضاء حاجتها الطبيعية الا اباحتها جنسيا لمن "في قلوبهم مرض والمرجفون" باغتصابها عنوة، وليس من مغيث وقد سميت بالسرية او الجارية او الأمه.
هذه السطور تتحدث عن عبودية في ظل اخر الاديان وقد وضعتها بين ايديكم لغرض تناولها بالبحث والنقاش ودراستها من جميع الجوانب وما تعنيه لنا الآن وقد شمل الرق اليوم الرجل والمرأة خاصة في عالم افتراضي يتجر بالانسان جنسيا وتتعذب في ظله الطفولة ايما عذاب.
انها دعوة لمناقشة النصوص القرآنية التي ابقت على الرق بدليل نزول احكام بصدد العبيد والإماء واعتبارهم غنائم حرب، وتذكر ما قاله المفكر روجيه جارودي بشأن المسلمين ومحنتهم في الخلط بين الشريعة التي نزلت في عهود مضت والتشريع الذي عليه ان يستوعب مشاكل العصر وهو قول رجل كان كاثوليكيا ثم ماركسيا انهى حياته مسلما واصبح اسمه رجاء جارودي.