بقعة 28





الحب شعور موجود داخل النفس البشرية قبل ان تقع في غرام احد، لكن الخطأ البشري الغالب اننا نفرغ وجود من نعشق من محتواه الحقيقي، و نضع فيه كل امنياتنا الشخصية، او ما نتمنى ان يكون عليه الحبيب، و الصدمة تحدث حين نكتشف ان كل تصوراتنا عنه لم تكن في محلها، و اننا خلقنا وهما لا علاقة له بالمحبوب، هنا قد نصفه بالغادر و المحتال و الكاذب، واقعا نحن الذين منحناه صفات غير متوفرة فيه....


بقعة 27






الايمان بالذات ينطلق من الايمان بما تعتقد، و لكي لا يكون تعصبا أعمى عليه ان يكون مرنا، متقبلا للافكار الجديدة، قادرا على محو فكرة و وضع بديلا لها، و لان الافكار هي مجرد تصور خاص بنا لما عليه الواقع، فان هذا التصور يشبه قطع الغيار، يستبدل وفق ما نجده مناسبا لشعورنا بالرضا تجاه ما نفعل، و الرضا لا يأتي الا حين يكون الضمير راضيا هو ايضا، هكذا لن نشعر بالانفصال عما حولنا و عن المحيطين بنا، كما اننا سنجد لكل من اخطأ بحقنا عذرا يدفع بنا الى لغة التسامح و الغفران، بمرور الوقت يصبح العقل اشبه بالماء يتغير شكله وفق الاناء الموضوع فيه دون ان يفقد جوهره....

بقعة 26



بامكان الانسان ان يفعل ما يشاء بمن هو اقل منه ادراكا، لو انعدمت حيلة الضحايا فان للارض غضبا يفوق الخيال حين تقترب الحضارات من الاخلال بالتوازن الكوني، هذا ما يسميه الناس عقاب الله، و هو عقاب يشمل الظالمين و ضحاياهم، فالقوة التي اوجدت الكون على ما هو عليه حسبت كل شيء بدقة متناهية، و كل العشوائيات و الصدف التي نراها تقف خلفها اسباب ليس بوسع العقل البشري ان يتابع منبعها، فذلك امر يفوق قدراته المتواضعة على الاستيعاب، انتقام الله موجود، سواء من خلال ثورة الارض، او من خلال المصير المجهول، في النهاية الجميع ينال ما يستحقه، الظالمون لما اقترفوه بحق غيرهم، و الضحايا لانهم سكتوا عن حقوقهم و تحولوا الى شياطين خرساء......


الجفاء نهاية كل حب




 الفنان فيكتور بريجيدا



المرأة و الرجل في كل المجتمعات على الارض يتلقيان تربية مغايرة لمواجهة الحياة، لذلك حين يلتقيان لا يتفقان ابدا الا ان جرفهما الحب نحو انسجام مؤقت، و لان المرأة تختلف تماما عن الرجل، و لا تشابهه الا في انتمائهما لجنس الانسان، ترى في الحب الحياة، و تجده خيارا دائميا لا يقبل التغيير الا مع كثير من الالم، لهذا غالبا ما ينغلق كل منهما (المرأة و الرجل) على نفسه، بعيدا عن الاخر، رغم ان المفتاح قريب جدا منهما، و من خلاله يستطيعان شق كل طريق يصل بينهما، لو عرفا فقط انهما نتاج ثقافة موروثة، و حضارة مصطنعة لا تمت بصلة الى الطبيعة البشرية، يتحكم فيها السوق و الاقتصاد، و الفكر الذكوري المتغلب تماما، و يكاد يمحو كل فكر انثوي.....

محنة المثقف العربي




 الفنان فيكتور بريجيدا


معظم مشاعرنا تتعلق بوجهة نظر من حولنا الينا نحن، كيف يرانا الناس و ما هو تقييمهم لنا؟، فنحن ببساطة كائنات اجتماعية، و قد تخلق فينا ردود أفعال المحيطين بنا اثرا سلبيا لا نشعره احيانا، و يظهر بالنسبة لغيرنا على هيئة افعال تبدو و كأننا نقصدها حقا......الفرق بين الانسان المثقف او الواعي و غيره من الآخرين انه يستطيع الفصل بين ذاته و الاحكام الصادرة بحقه و بحق سواه، يستطيع دراسة الفعل و اثره بحيادية، للأسف الشديد المثقف العربي عموما لا يمتلك الفرصة كي يتأمل و يدرس و يستنتج، و لهذا ظل دوره محدودا و بعيدا عن الجماهير، اضافة الى سياسة الاقصاء و التهميش و الفقر التي يعانيها المثقفون اصحاب كلمة الحق، انهم شديدو الغضب، فهم يرون ما لا يراه غيرهم، و يشيرون اليه دون ان يجدوا من يقرأ او يستمع اليهم، و مع الزمن يندحر المثقف نفسيا حتى ينكمش على ذاته، و يتخلى عن الكلمة و دورها، و كثير منهم اليوم اصبحوا يتخذون موقفا معاديا من بسطاء الناس ممن تأخذهم موجات الحياة دون ان يفهموا كيف و لماذا وصلوا الى منحدرات لم يظنوا انهم سيصلون لها يوما.......


التلاقح الحضاري بين ذبيحة و جزار



التلاقح الحضاري امر ممكن ان يحدث بين الانداد، و ليس بين فئران مختبرات و علماء..
ممكن ان يحدث بين شعب منتج مثل الصين و شعب مرعب مثل شعب امريكا، بين الشعب الروسي و الصيني على اعتبار ان خلفياتهم الثقافية شرقية و ذات اتجاه يساري، لكنه لا يمكن ان يحدث بيننا نحن الذين نستورد كل شيء من العالم المتحضر ابتداء من الابرة و انتهاء بالفكرة، اية فكرة.

مخابراتهم صنعت المنظمات الارهابية و القت بكل جرائمها علىى شعوب لا تجد ما تأكله، هم صنعوا منا صورة مشوهة عبر اعلامهم، جعلونا نشعر بالدونية ثم طلبوا منا ان نتلاقح معهم، كيف يمكن التلاقح بين ذبيحة و جزار؟

زينا الاميرة المحاربة




هذا هو الفن الرقمي المنتشر، يضع المرأة في ملابس حديدية و دروع حاملة سيفها على العكس من طبيعتها الرقيقة التي تنطوي عليها وظائفها الفسلجية، حمل السيف ليس ميزة جيدة، نحمله لان هنالك (ذكور)، و ليس رجال بالمعنى الانساني يحبون الاعتداء على غيرهم، مادامت الحروب لم تزل على الارض فهذا يعني اننا لم نعرف الحضارة بعد، و مادامت الاسلحة يتم تصنيعها في الدول المتحضرة، لتباع في الدول المتخلفة بعد اختلاق النزاعات بينهم، فهذا يعني اننا في عالم همجي مشترك يصنعه المتحضرون، و هنا عليهم ان يعرفوا انهم لن ينعموا بالسلام، لان العداء سيزرع في قلوب الشعوب المعتدى عليها ضد اهل الحضارة، و ستصلهم نيران الجهل في النهاية لتقضي على كل انجازاتهم، و من يقرأ التأريخ يفهم ان كل الحضارات انتهت بسبب عدوانيتها تجاه الشعوب الاقل تحضرا، و كل حضارة سيزول صرحها على ايدي الجهلة لا صناع الحضارات.....

حمى الاقاليم العراقية و تقسيم ثروات العراق





هنالك اناس على قدر من الجهل بالتأريخ و معنى كلمة دولة من النواحي السياسية و الاقتصادية و العسكرية يطالبون باقاليم، و يظنون انهم سيكونون في وضع افضل، الا انهم لو كانوا قد أطلعوا على التأريخ لعرفوا ان الكويت كانت محافظة عراقية، و الامراء فيها طمعوا بالملك ، و اتفقوا مع بريطانيا على الانفصال عن جسد العراق، و منذ ذلك الحين و الكويت حكومة و شعبا ككل دول الخليج يرتجفون هلعا من احتلال ايراني او عراقي، و يخشون قوة اية دولة عربية ، و يتآمرون ضدها كي لا تبتلعهم، لماذا؟؟؟؟
لانهم لا يمكنهم على قلتهم تكوين مؤسسات امنية او مخابراتية دون الاستعانة بالدول التي ساعدتهم على تأسيس اماراتهم، لا يمكنهم القيام بصناعة متطورة كدول شرق اسيا و الصين، لارتباطهم بعجلة بريطانيا ثم من بعدها امريكا و سلطة البترودولار، لا يمكنهم على قلتهم تكوين جيش يؤمن حدودهم، لا يمكنهم ان يؤسسوا اي شيء دون ان يتآمروا على الشعوب العربية لكي يأمنوا جانب الدول القوية منها.
انهم وجدوا كي يمارسوا سلطتهم على العرب من خلال الاموال التي يدرها عليهم النفط، و لم يفكروا ماذا سيفعلون بعد نفاذه.....
الكثير من العراقيين الان ينادون بالاقاليم تشبها بالاكراد، بل و يحلمون بالانفصال، و لا يعلمون انهم سيكونون العوبة بيد من ساعدهم على ذلك، مثلا كردستان ستظل دوما طالبة حماية اسرائيل خوفا من تركيا، و من ايران، و من العراق كله، و الاقليم السني لو انفصل سيصبح العوبة بيد الحكومات السعودية و الاردنية و السورية، لن يتمكنوا من تكوين جيش مستقل، فعددهم لن يكفي، لن يستطيعوا الاستقلال اقتصاديا فسيرتبطون بامريكا مثل الخليج، و لن تمنحهم امريكا فرصة التطور ،لان المجتمع العراقي مجتمع طموح، و ليس كسولا كالخليجي، او بدويا كالاردني، و التطور امرا ليس من مصلحة القوى المهيمنة على العالم، و هنالك من الاغبياء من لا يفهمون لماذا الاردن تعيش بسلام رغم انها لا تملك جيشا قويا و لا موارد اقتصادية ، و لا يفهمون ان الاردن دوما اعتاشت بشكل طفيلي على اضطرابات العراق، و انها كانت شريكا دوما لكل من يتآمر ضد العراق.
ان الديموقراطية وضعت مصيرنا بيد من تربوا فترة الحصار حيث لم يكن للعراق وجود كدولة و عملة اقتصادية مؤثرة، و بعد الاحتلال تم انشاء جيل كامل ممن لا يشعرون بالانتماء للوطن، و لا يفهمون لماذا الولايات المتحدة متحدة و قرارها واحد على الرغم من ان كل ولاية هي دولة قائمة بحد ذاتها، لانهم ببساطة تربية امريكا، و امريكا علمتهم ان العراق عبارة عن طوائف و قوميات و اديان و ليس تأريخا موحدا و مصيرا موحدا بحكم الجغرافية اولا، و بحكم التاريخ الذي لم يشهد اي تقسيم للمنطقة الواقعة بين الرافدين ثانيا، فمن هو الغبي الذي يقسم كنزه و يضعف قوته كما يفعل اغبياء العراق الان من الاجيال ذات الفكر الرأسمالي الذي لا يحترم مفهوم الوطن، و لا يأبه للتأريخ، و لا يهمه الانسان اصلا، بل كل ما يعنيه هو مصادر الطاقة التي ستباع لو حصل انقسام العراق وفقا لمزاج و سعر امريكا باعتبارها الدولة الكبيرة التي تحمي كل هذه الاقاليم الصغيرة:
اقليم كردستان و اقليم السنة و اقليم البصرة و هناك من ينادي باقليم الناصرية.....؟؟؟؟؟؟؟.
يا جهلة التاريخ و الجغرافية و كل علوم تأسيس دولة:
فكروا كيف ستؤمنون الحدود، كيف ستؤسسون جهاز امن و مخابرات و اقتصاد قوي لدولة قوية، و انتم قلة قليلة تستطيع اية دولة ان تسحقها؟؟؟؟
ستعيشون خوف الكويت و الخليج كله و رعبهم، و ستنفذون كل مؤامرات امريكا و اسرائيل شرط ان تحافظوا على امنكم، و حتى هذا لن تحصلوا عليه، فالخليج اليوم جعل مصيره بيد السيسي في مواجهة الدول الكبيرة، و يلعب على كل الحبال فقط ليؤمن حدوده من اي اجتياح خارجي....و رغم ذلك سيعودون لجمالهم و خيامهم بمجرد انتهاء عصر النفط لديهم، و العراق سيعود كما كان يعيش على الرافدين و ثروته الزراعية و الحيوانية كما هو خلال خمسة الاف عام، حتى ان قسمتموه سيعود واحدا بارادة النهرين و النخيل الذي سيظل كل ما يملكه العراقيون من حطام الحروب.....


التسامح كلمة عصية




متى يكون التسامح محل الثأر لانفسنا؟
هل علينا ان نتسامح مع القتلة؟، هل علينا ان نتوقع من القاتل ان يتحول الى عطوف رحيم تحت راية التسامح؟
كلمة التسامح ليست على الضد ابدا من المطالبة بالحرية، انها لا يمكن ان تكون رابطا بين معتد و ضحية، انها لا تنفي الثورة، و لا يصح لها ان تكون بديلا عنها، فالتسامح هو طريقة لاجتياز الحواجز بين المتشابهين و ليس بين الاضداد، هو ان نفهم الزاوية التي يتناول بها الاخر عالمه دون ان يتسبب بضرر لأحد....

التسامح كلمة واحدة، لكنها صعبة التنفيذ و مع صعوبتها هي حلنا الوحيد لتوحيد كل حر شريف مهما كان منظوره للحياة لصنع ثورة ضد الظلم الذي حرمنا من نعمة كينونتنا الاجتماعية الرافضة للانفصال عن الآخر و الرضا بالتوحد عوضا عن اللقاء و وضع الايدي فوق بعضها البعض....


عراقي






حتى الاشجار اتفقت على ان تؤسس مجتمعها الخاص، و تكون لها غابة.........كيف للاشجار ان تترك وحيدة، و تطالب باوراق و زهور و اثمار؟؟..........هكذا اصبح وطني مطالبا بالحياة و كل ما حوله موت............هكذا على العراقي ان يعيش منفردا بمأساته، فان ظل فيه عبق الانسانية فذلك لأنه مؤهل دوما لتأسيس حضارة، مؤهل ان يخلق النبض من قلب ميت، و يصمد بوجه كل صباح يشرق على انفجار و اشلاء و جثث......


عيون







هنالك عيون قد ترى ببعدين فحسب، فيكون الجبل الاشم صورة على حائط، و بعضها قد تلمح البعد الثالث و لكنها تعجز عن قراءة الالوان، فيصبح الربيع ظلام ليل مدلهم، القليل جدا منها يرى ما خلف الجبل و ما تحته، و الاندر هي تلك التي شهدت ما حدث على الجبل و في واديه، و ما سيحدث غدا، فما اشد شقاء صاحب العين الاخيرة، و ما أسعد اصحاب العيون التي ترى العالم مجرد صورة معلقة على حائط.....