معضلات عبد ال(هو)







لم تشأ عيناك ان تغلقا نافذتيهما ذلك اليوم..
ربما لانك وقفت على حرف الياء من كلمة (هي).. و وجدت نفسك مهموما عند الهاء التي جعلت من (هو) و (هي) يختلفان في كل شيء الا عند تشابه الحرف الأول..
و انا اعلم ان هذا الحرف يؤرق الاجفان.. الحيرة امامه، كالحيرة عند البحث عمن اخترعه.....
بعض اللغات لم تره ضروريا.. غير انه في الصحراء كان حتميا، ف(هي) لها غير ما ل(هو)..
سوى انهم الصقوا برب السماء ضمير الذكر، رغم انه لم يلد، و لم يولد، و لم يكن له كفؤا احد.. لا تنطبق عليه صفات ذكورة او انوثة..
لم يسعفهم ذلك اللسان العربي ان يجدوا ضميرا مستقلا يليق بربهم خارج محنة الذكورة، و مخيلته التي تصبح كالبرزخ في ضيقها حين يتعلق الامر ب (هي) و (هو)..
لم يفكروا طويلا ان كان عليهم الاشارة له ب(هو) ام (هي)، الامر محسوم سلفا..
و اقتضت الحكمة الذكورية التي لا يعنيها علو شأن الرب عن مشاكل بشرية صغيرة تتشابك عند معضلة صنعوها بين ال (هو) و ال (هي) ان يشيروا له ب (هو).. فليس من المعقول ان يقولوا انه (هي)..
الرحم يلد الانسان، لكن الرب الذي سمي ب (هو) هو من خلق ال (هي) من ضلع ال (هو)=معادلة ذكرية غير قابلة للحل الا وفق مزاج الرياضيات الذكورية المنشأ..
أغلقتَ كل نوافذ البصيرة كي لا تصل حد الوقاحة، و تتساءل لم لم يكن (هي) و ليس (هو).؟..
لم تصل ايضا الى شاطيء رملي يقلق بامواجه اختفاء الاثار بعد حين في بيداء بعيدة لتعلم ان كان الامر بديهيا ام مصنعا في خصيتي ذكر لئيم اراد ان يجعل رب السماوات و الارض ملك يمينه و احكامه التي لا تقبل الشك؟..
(هي) أقلقتك بحلمة تتوج تلك الاستدارة الساحرة التي تتلقفها منذ يوم الولادة حتى الممات بنهم لا يهمك ان تعلم من اي بقعة في الكون يصدر؟؟؟..
لا يعنيك ان طبخته مطابخ الاجساد ام مطابخ التأريخ؟..
لا تدري ان كنت تعشقه حقا و مجبولا على عشقه؟، ام لانهم جعلوه يختصر ال (هي) اختصارا اشبه بالقتل منه بزبدة الفكرة ذاتها؟؟..
جعلتك كهوفها المظلمة غنيا عن البصر او البصيرة، بصيرا بين منحنيات الظلال، مستدفئا في اشراقتها بين جبل لين الصخور و وادي نعيم كجنة لا يشغلها انتهاء الزمان، و لا تغير المكان.. تلجها مسلوب العقل.. و تخرج منها مشمئزا من منزلقات مخارجها الرطبة المكللة بخجلك و عارك و انت تذوي منكسر الراية، كل ما فيك كخرقة بللتها مياهها العجيبة بعد ان كنت متوجا برايات ذكورة منتصبة ايما انتصاب..
بعيدا عن بواباتها انت ممسك بسوط ال(هو)، و عند المداخل انت لا تعي اين هي اصابعك؟، و اين صار سوطك؟؟
 انت عند قصورها مجرد طفل يبحث عن متعة لعبة و لا يعي الحرب من السلام..
ف (هي) تسلبك في لحظة غير منظورة كل تأريخك الذي وقف باسلا مغوارا على ركام حضارة ال (هو)، لحظة لم ينتبه لها مؤرخ كي يضعها في كتبه مشيرا الى هزيمة لا يفقهها تأريخ، فعادة ما يكتب هذا التأريخ المتحيز خارج المداخل اللزجة الساحرة، و الكهوف التي تشد ال(هو) شاء ام ابى من عروة ذكورة مطلقة..

(هي) سلبتك الرقاد، فكانت الارض و الحرث، و كنت المطر الذي نسي انه وليد غيمة، بدونها ما كان ليهبط مثيرا في التراب مجد البذور، و بدون سمائها ما كان للغيث ان تحتضنه ريحها الباردة فتحيله الى قطرة.. الى ال (هي) من جديد..
انت ترى في امطارك سر العظمة، رغم ان العظمة كل العظمة في الشمس و الارض و ما يحدث بينهما، و حولهما، و خارجهما.
انت بين الشمس و الارض تنتقل من حال الى حال، فتبحث عن أصلك بعيدا عنهما في غيب غير معلوم، تضيع في الفراغ كي لا تشعر ابدا انك بين المجرات الانثوية تصنع ربا مطلق الذكورة، و كأنك نسيت انه الاحد الصمد.. لم يلد و لم يولد.. و لم يكن له كفؤا احد..
كم مرة تسحرك الشمس و الارض، و انت في لهاث بين اريج الثرى و دفء حضن القرص المستدير؟؟..
حين تأسرك ال (هي) لا تجد وقتا لطرح الاسئلة، فانت في مسار تحدده المستديرات منها..
غير انك في لحظة توبة تعلن ان ال (هو) من خلقك دون الحاجة لرحمها و كأنك قطعة خزف، و لا تأخذك دهشة ان يتم أول خلق خارج ذاك الرحم ثم يظل ابدا فيه..
كثير من رأى الوليد يخرج من رحم امه، لكن من ذاك الذي شهد لحظة خلق لم يكن الرحم احد عناصرها؟؟...
لذلك لا تشعر بالعار حين تكون المنارة طويلة، و برأس رمح تتجه نحو سمائها رغم انها قد جعلت منك مطرا دائرا بينها و بينها، لتضع قربه قبة مستديرة، مستكينة الى جانب انتصاب مهيب لمنارة علياء..
تظن انك بذلك تمجد ال(هو)، و تنسى دورتك في لعبتها الابدية بين موجة بحر و غيمة و ثرى..
و من المجد الذي اضفيته على نفسك انك منحته اسماء الذكر كلها، و صفات الذكر، و قسوة الذكر، و استعرت احيانا رحمتها، و رحمها، و نسبت الطين الى انامل ال (هو)، و الولادة ابدا الى ذلك الكهف السحري المعبود..
معضلتك ايها العبد، انك تدور في رحاها، و تتعبد في كهوفها، و تتجه مناراتك نحو المجرات، نحو السماء التي هي ايضا (هي)، نحو الشمس.. نحو النجوم، و ليس لكبريائك من مغيث سوى قمر ال (هو)، و ما كان الا انعكاس ضوء ال (هي)، فهل من منكر ان الشمس تحن على القمر بضيائها، و انه يضيع تماما، و ينخسف حين يقف ال (هو) خلف ارضها و شمسها؟؟؟..
ربما لهذا السبب المستنكر بين تضاريس عقلك لم تشأ عيناك ان تغلقا نافذتيهما ذلك اليوم..
فقد وقفت عند ال (هي) مجردة من كل مجراتها، و قد امنتها كي لا يقلقك شأنها عند غيب لا تدركه الابصار، فكنت اول ضرير يدعي انه يرى المستدير من كل شيء كوني منتصبا كما يليق بال (هو)، رغم ان كل انتصاب يعقبه انكسار، و ما انكسرت المستديرات الكونية الا في الغيب الذكري المظهر و المضمون الذي لم يخلقه من وهم سواك...







نيزك مكة






كلاهما: النيزك و الهلام يدوران كما شاء لهما شبق الزمن المفترض، يرافقان اميال ساعة لا تحظيان باهتمام مجرة ما.....



نيزك مكة

لطالما وقفت قربها ، متأملا سكونها ، و إنعكاس الألوان على محياها..
في حدقتيها يلمع بريق الماس.. 
ثغرها مفتوح بدهشة ابدية.. و يداها مفتوحتان ، و ذراعاها ممدودتان كأنهما تنتظران هبات المدى..
جميعنا شعرنا بحزن شديد حين قالت امي:
 كانت طفلة تلعب مع البنات لا اكثر.. غير انها فكرت اكثر مما ينبغي لبنت بالنجوم..
شغلت نهارها، و ليلها تتخيل عما يمكن ان يكون عليه هذا الشيء اللامع البعيد..
لم تجد سعادة في مرافقة اقرانها.. و لا فيما ركن حولها سعيدا بغبار الاهمال.. حتى رصدها شهاب فضائي ، اخترق جسدها ، و خرج من هامة رأسها عائدا من حيث جاء..
انها جميلة و خالدة كما ترون.. لكني أشك بوجود روح في جسدها الماسي..
_هل تستطيع ان ترانا كما نراها يا اماه؟..
ابتعدت أمي، و هي تقول بيأس:
_انها مجرد نيزك سماوي ، لم يحظ بكعبة، و لا طوفان حجيج..






هلام

يجلس عند الدار التي زينت عتبتها بالجفاء..
خليط مما مضى عبر قرون غابرة، و شيء من الآن، و أملا في غد يصنعه من يقيمون بعد تلال الموت..
هكذا تربع على حصى الطريق.. غير معترض على عنجهية الطقس، و لا على غموض المكان.. منتظرا دونما ملل.. دونما أمنية ان يهطل المطر صيفا، ان يهب نسيم البحر من جهة الصحراء.. ان تهبط النجوم من أعاليها لتكون ثمار شجر الشوك الصحراوي..
ليس لجسده ان ينثني أكثر مما انثنى لحظة وداع حتى قبل شفاه القبر.. و ليس لعينيه ان تترقبا سوى ما تمنحه الرمال من سراب..
تحسب انه نتاج مخاض الصدفة.. أو صنيع قرار الهي.. لكنه يظن ان ما بين محجريه يقيم كون اشتهاه.. ليس من الضروري ان يكون واقعا ذات يوم.. فهو لم يرسم خطته بعد ليوم قادم.. و لن يفعل..
هذا المخلوق ينام على وسائد الذهب دون ان يشعر انه ملك.. دون ان يعرف بريق الذهب.. و يضطجع على الحرير، و هو لم ير بعد سوى خيوط الحبال في تلعثم المشانق عند الرقاب الصاغرة..
انه أبيض كخيط فجر قد يحيله الغيث الى حزمة الوان.. غير ممتنع عن أنامل خزفي ليصبح أهزوجة جمال بين روابي الصمت القبيح..
قد تجرفه الانهار الى حيث لا يتمنى.. و قد تداعبه الجبال باحمرار حممها.. و قد يبدو عصيا فوق موجة بحر حتى يرسو عند شاطيء..
مازال كشأن الاصنام يجلس عند عتبة دار يشده الترقب، و هو بين الترصد، و شعوره باليقين انه قد لا يدخلها ابدا..



بقعة 31








لست اول من فتح النافذة بوجه اعصار كي تقتلع كل حاضر غدر بك، فتحها قبلك اخرون، و تحولت اجسادهم الى غبار كوني، لذلك فعلك الذي تكرر كثيرا دون ان تدري، عليه ان لا يكون بحماقة من سبقه.......الحاضر ضروري بثراه كي تزرع فيه ما لديك من بذور......افتح النافذة و اقطف من شجرة هوائها ما شئت، و قل للنور ان منفذك في قلبي يتجه نحو الكون كله.......

3


هل تعرفين معنى ان يغلق الباب خلفه بعد سرب دموع تتطايرت في فضاء روحك؟؟..
هو ذاك، كغيره، ذاك آدم النبي الذي اشتهى التفاحة، و سار خلف غريزته، و نسى ان الجنة فرصة محمولة على كفه، فآثر التفاحة على السعادة الابدية....
لم يتغير، الشيطان فيه، و هو من علمه ان الاغواء يصدر عن انثى..
هو و الشيطان واحد..
فلولاه ما من جريمة أولى..
و عادة المجرم ان يتهم غيره، فاصبحت حواء هي من ادلته على الخطيئة، و كأن رأسه كان محشوا بالتبن، و ليس بخلايا عصبية و دماغ.. ، و كأنه لا يقوى على الرفض كطفل رغب في لعبة.. انه يعيش ابدا بعقل صبي يسير خلف بائع شعر البنات...

لقد رحل، مثل كل مرة، و نسي ان الرحيل خيار متاح لي ايضا لولا اغلاله التي تفنن في صنعها حتى اصبحت عالمي الذي لا مفر منه....
من مذكراتي الخاصة\ماجدة غضبان المشلب

2



منذ ذلك اليوم و انا أعلم ان الصيد سيكون وفيرا..
أحصيت المناديل على الطريق الذي تعلق بأنشوطة الماضي..
و تعذر علي أن أحصي عدد البحيرات، و البحار، و المحيطات..
سألت صديقتي يوما:
الا تظنين ان البحار و المحيطات هي دموع الاناث مذ صار قدرهن بايدي الذكور؟؟؟؟؟
اليس ماؤها مالح كالدموع؟؟؟؟
اليست اعماق تلك البحار و المحيطات كأسرارنا التي اخفيناها بعيدا عن الاعين ساحرة، و يخشون الغرق فيها؟؟..
اننا نسير في رحلة سوانا..
و تتعب الدروب من حيرتنا، فتجعل لها مفارق حيث نحدو نحو الامل، السراب الصحراوي المنشأ، الأكذوبة التي صبرتنا على ضيم، و اسكتت الالسنة عل صرخة الله تشق الارض، و تهدم السماء.....
لكن شيئا من هذا لم يحصل..
و المناديل بذكراها هي كل ما تبقى..
اصبحت للريح بيارق و اعلام ترف دون دموعنا التي جفت في هجيرة البيداء....

من مذكراتي الخاصة\ماجدة غضبان المشلب

1



الناس نيام، و الصوت اليقظ يمر من قرب نافذة اذن حيرى.......
هل كان الصوت بذبذبة لا تبلغ انسان........ام ان الصمم اصاب القلوب، فلم يتبق من الاذن الا مكان لقرط الزينة؟؟؟؟؟؟؟؟؟

من مذكراتي الخاصة\ماجدة غضبان المشلب