خبز
ساخن رائحته تملأ المكان قرب التنور المتوهج خارج المنزل، المرأة تخرج أقراص الخبز
وترميها في سلة من خوص،والطفل يلاحقها برواحها ومجيئها،وحين تقف يشد ثوبها بقوة
وهو جالس عند قدميها،يصدر عنه مواء كمواء قطة جائعة.
عينا
المرأة لا ترمشان، لا ترمقان الطفل باهتمام،تواصل انشغالها بدأب بين صنع كرات
العجين وإخراج الخبز الناضج من التنور،والطفل يواصل تشبثه بثوبها،مثابرا على
ملاحقته لها،وحين تدخل البيت يجري خلفها بأسرع ما يستطيع.
عبثا
يموء،لا المرأة عمياء أو صماء، ولا الطفل شبح غير مرئي،إلا إن المشهد يتكرر كل
يوم،المرأة تزداد قسوة وإمعانا في إهماله،والطفل يموء... يموء بإلحاح وصبر شديدين.
أهل
القرية يسمعون المواء كل يوم كأنه صوت قادم من زمن آخر يمزق السكينة والهدوء،غير
إنهم اتفقوا بالإجماع دون أن يناقشوا الأمر أن يتجاهلوا مواء الطفل، منشغلين
بأعبائهم اليومية غارقين بدقائق ما يجري في القرية حد الاسراف.