ككل البدايات..
كان ناصع البياض.. مثل فجر
يشق ثوب الظلام المدلهم..
حاسر القلب.. عيناه بسعة
الفضاء.. بصفاء الغراف..
ككل طفولة تفوح بعبير
البراءة.. ملمس النهد المتبرعم مفعم بلذة الاكتشاف.. خفقان القلب يساير نغمة
العود..
ما هو آت يبهرنا.. له رائحة
ورق المدرسة الأبيض.. و قرقعته بين انامل الصغار..
متى كان اول العهد بالخوف؟..
ملابس زيتونية تجوب الازقة
المتربة المهملة..
شوارب كثة تشبه شوارب
القائد..
و كلمة: هسسسسسسسسسسسس!!
بعضنا لم يفهم ان تسريب ما
يقال في البيت يعني اختفاء العائلة بكاملها و الى الأبد..
لذلك كانت الكلمات تبدأ خلف
جدران البيوت، و تنتهي في زنازن تحت الأرض..
هكذا عتمت بداياتنا..
هكذا امتد الليل الطويل، و
افترقنا..
عواصم أوربية احتوتنا دون ان
تتعرف يوما الى قلوبنا المعلقة بين سعف النخيل..
منذ ذلك الحين لم تشرق
الشمس..
لم يعد للفجر من معنى..
و كل الأيام عبارة عن هرولة
مستميتة بين ضفتي الاغتيال، و الحياة باغلالها..
منذ ذلك الحين أصبح للعراق
رائحة البارود، و نكهة الحروب..
مات الحب في المرابع الاولى..
و كل ما بعده أصبح لا يمس
شغاف القلب..
ظلت الذكريات تساير الغراف
دون كلل أو ملل..
و ظلت ضحكاتك:
"مثل روجات المشرح".. و لا أجمل منها..