قد خبرت هذا الألم من قبل لذا أطبقت شفتيها
الشاحبتين بقوة، وصكت على أسنانها،لم تصرخ ،لم تتأوه،أرادت فقط أن يمر الزمن بقدميه
الراسختين في جرحها بسرعة اكبر،أن يمر دون أن يعرج على جروحها السابقة المترعة بالقيح
أو التي لازالت الخيوط الجراحية عالقة بها.
كان حريا بدموعها أن تنزل لو إن الخنجر
الذي غرس في ظهرها الآن كان الأول،إلا إن جلدها يحمل عشرات الندوب....وأحيانا تتقاسم
أكثر من ندبة بقعة جلدية مشتركة وعميقة.
مر وجهه أمام عينيها قصيا وضبابيا وقاسيا،في
يده مقبض الخنجر، والنصل في ظهرها،الدم يسيل بصمت محافظا على الهدوء الذي أحاط بالمكان،ونظراته
المارقة على وجودها بنزق وغرور نطقت بالكثير من أحداث الماضي، نبشتها من قبور درسها
الدهر، ووضعتها كشريط سينمائي يعرض كل ما لا تريد أن تراه مجددا أمامها على شاشة العدم
البيضاء.
الزمن يختصر مسافة النزيف،والنزيف يهبها
المزيد من الصمت.
الاقتراب من النهاية لا يعني الموت دائما،بل
الراحة الأبدية من نصل مغروز في اللحظات المدبرة،ابتسمت وهي تتذكر:ـ لن يغرز في ظهرها النصل الأخير مجددا