سطور منتزعة من مذكرات امرأة


د.ماجدة غضبان المشلب 

1

حين تصمت الموسيقى بحضرة حزنك و تتنحى الريشة عن تبني اللوحات و تتحول الازرار السحرية التي تكور الارض بين يديك الى طين يتشقق و يتناثر..حين يفر الدمع من جفاف مقلتيك و يصبح وجهك جدار قلعة يحرسها الزمهرير..فاعلمي ان الصراخ لم يعد مجديا..و ان الثورة تطرق ابواب روحك..و ان الجسد يوشك على الانصهار..



2

جاء من بلاد اخرى ملونة كعوالم الاطفال
قال لها
-لندع اعضاءنا الجنسية جانبا و لنكن بشريين فقط.
ضحكت مبتهجة و اقتربت منه كثيرا.
شهور عدة و هي تلتصق بجسده تبحث عنه في اللامسافة بينه و بينها..
صمت طويل..بلا انتهاء!!
كانت الكلمات احيانا تخرج من بين شفتيه مترنحة شبه عرجاء و عيناه كابيتين.
يوم لمس مؤخرتها ابتسم و استفاقت حوله هالة مضيئة.
قال لها
_اقتربت كثيرا ايتها الحمقاء
لنكن اعضاء جنسية فحسب!!


3

لهاثه يلفحني كأنه اللهب و على جسدي العاري اثار ازرقاق و احمرار..لم اصرخ..لم اقاوم..فانا اعلم كيف سيلتهمني بنهم و بين صفعة و اخرى يدس قبلة مذاقها كسم زعاف في موضع لدغة.
_ستكونين تحتي دوما!!.
حسنا تلك لازمة يرددها و لكنها تعلن عن انتهائه من الجولة الاولى.
الآتي هو الاسوأ..
سترى الارض بعينيها و رأسها الى اسفل فيما ترتفع مؤخرتها و تستسلم لاقتحام قضيبه.
_دسي خصلات شعرك تحت حجابك.
لازمة اخرى حين تسير خلفه في الشارع و عيناها في الارض تتعثر بين خطوة سابقة و اخرى لاحقة.
_ايتها العاهرة!!
يخرجها من بين اسنانه مرارا كلما اصطدمت عيناها بعيني رجل اخر صدفة.


4

الخباز يلامس ما بين فخذيها فتهرب..
كذلك يفعل بائع الخضار..
و مثله كان دأب عمها..
رجال بلا عدد يطوفون حول بقعة مثلثة ملساء في كوابيس ملتصقة بها كحبل سري في بطن رضيع.
يجسون ما ادركت انه مرئي جدا لكنه غير مشمول بالتواجد في قاموس مفردات التعامل اليومي.
انه متخف لا صوت له و لا لون و لا اسم..محظور اكثر من كلمة شيوعي في زمن صدام..ذلك السر الذي تحمله..و تشعر ان له ثقل الارض و يحتل مساحة صغيرة هناك حيث لا يجب ان تلامسه حتى عند الاغتسال في الحمام.
هكذا اوصتها امها و الا ستصاب بمرض شديد.
امام المرآة احصت محاسن جسدها المكتمل الانوثة و وجهها المستدير..
فتحت عدد من علب الدواء المختلفة و ازدردت الوانها كلقمة يابسة دون ماء..
كان ذلك اسهل بكثير من شقاء اعوام مضت و اعوام قادمة..
بعد قليل..لن يكون هنالك من سر
سيعلمون انها لن تكون معهم بعد اليوم.



5

كم احبت وجهه و عينيه الضيقتين..
كم رسمت شفتيه بانامل مرتعشة وهي تدغدغ شاربيه في صورة تأخذ كل مساحة شاشة حاسوبها..كم شذبت اطراف شعره المبعثرة..
ذلك الغبي لا يعلم انها ترسمه كل يوم..
في ركن مظلم خارج الكون اخرج لها شيئا كمقبض سكين و وضعه بين يديها..ينبض كصدغها باضطراب..
جدران غرفتها مثقلة بمليون صورة..
مليون شظية من اطارات محطمة..
ترى من يستطيع ان يحصي الدموع؟؟؟؟؟؟؟.


6

استغرق الامر ثمان و اربعين عاما لتعلم ان من يرحل لن يعود.
هي فقط التي مكثت دون تجاعيد..
تجعدت الجدران برطوبتها..
تجعدت ملابس الحرير القديمة..
تجعدت اوراق الرسائل..
_كفي ايتها المجنونة
من رحل لن يعود!!
اسدلت الستائر
هذا الغروب لن يشبه ما سبق
ستجعد الاصيل
ستجعد الغيوم
ستعصف بما تبقى من نخيل عليل
اخر عناق على حرير الفراش..تقلبا طويلا..يعلوها و تعتليه.. تقبله بشغف و يتنحى.. تقترب منه و يدير ظهره لها..حتى تبعثر كدمية صنعت في الصين لاطفال فقراء العراق خصيصا(*)..
ستسيل كماء من لظى الانامل المستعرة حتى اعمق بقعة في السماء كلمات امرأة تحلق حيث يغلق ابواب قلعته بوجهها مدعيا ان الملائكة منحته اجنحتها و انه لا يشتهي قبلتها..
لكنها لن تصدق انه لن يعود..
______________________________________________ 

(*)معروف عن الدمى الصينية في العراق الرخيصة الثمن جدا انها غير صحية و غير مناسبة للاطفال و تتحطم فورا.



Unknown

About Unknown

كاتبة عراقية ملحدة الحمد للعقل على نعمة الالحاد. تولد عام 1964. حاصلة على البكلوريوس في الطب و الجراحة البيطرية. صدرت لي عدة مجاميع شعرية. تنوع نتاجي الأدبي بين الشعر و القصة القصيرة و النص المفتوح و المقالة. لازال هناك المزيد من المخطوطات الشعرية والقصصية تتكدس بين برزخ الحلم و حقيقة التجسد...... لدي مشاريع روائية تنتظر لحظة قطافها.،

Subscribe to this Blog via Email :