الطاعة لا تستحق تصفيق أحد ، انها تسحق وجودك
فحسب..
أأنا الذي لم ارها ابدا ، ام هي التي اخفت وجهها خلف
نقاب او قناع؟..
الشاي الذي تعده
صباحا ، و تضعه امامي دون ان تنطق بشيء، سيرها الحذر، و الطريقة التي تنقر بها على
الباب.. صمتها المستمر.. طاعتها.. كل هذا دفعني الى نسيانها حين لم تحضر ذات يوم..
جاءت اخرى.. لابد من الشاي و الفطور و الطعام بأوقاته..
توقفت و انا اضرب على لوحة مفاتيح الحاسوب.. و نظرت نحو
المكان الذي اعتادت تناول غدائها فيه.. ركن من زاوية المطبخ يقابل غرفة المكتب
التي لا اغادرها حتى موعد نومي..
_لم تجلسين هنا؟
_لعلك تحتاج شيئا ان ابتعدت؟.
حاولت تذكر ملامحها..
في روايتي وصفت الخادمة بدقة، لم اغفل حتى ردفيها و
اهتزازهما اثناء الرواح و المجيء..
_ما اسمك؟
_خديجة..
_كم عمرك؟
_25 عاما
_متزوجة؟
_نعم، و لدي خمسة ايتام..
_خديجة انا لا اعرف اسم التي سبقتك في العمل هنا، و الآن
لم استطع ان اتذكر شكلها.. هي ايضا كانت أما لايتام حرب..
_استاذ انت مشغول..
عيناها اطلتا من مرايا الخزانة.. التصقتا بالباب..
اتسعتا عند الجدار.. تجنبت النظر الى الاثاث، و انشغلت بالبحث عن مصدر المياه التي
تبلل وجهي، و فراشي..
قطرات كبيرة تكفي لأغراق سريري الواسع، و افساد اثاث
الغرفة كله..
رفعت عيني متتبعا مصدر القطرات..
عيناها السوداوان تفيضان بنظرات لوم.. تشغلان كل مساحة
سقف غرفتي.. تمطران بسخاء.. تحوطان جسدي برموش كثيفة كأذرع اخطبوط..
تسحباني نحوهما..؟؟
_ أأنا الذي لم ارها ابدا ، ام هي التي اخفت وجهها خلف
نقاب او قناع؟.. أم انني كنت مرتحلا مع قلمي، و لا أدري من تلك التي حملت ناقتي
على رأسها، و اكتوت قدماها بكلمات رواياتي دون ان تفلح في رسم عينيها ابدا؟؟؟؟؟؟؟..